تزايد إقبال النساء على عمليات التجميل في لبنان في السنوات الأخيرة، وأصبحت المرأة اللبنانية اكثر "امرأة اصطناعية" في العالم العربي، ما أثار تساؤلات حول الجمال اللبناني الأصيل.
ووصل عدد العمليات التجميلية التي تجرى سنويا نحو 19 ألف عملية، و بذلك احتل لبنان المرتبة الثانية بالنسبة الى عدد السكان بعد البرازيل، وهذا الرقم محصور بالمستشفيات فقط، ولا يشمل عمليات التجميل البسيطة التي تتم في عيادات الأطباء والتي لا يتم عادة التصريح عنها.
وقال معلقون عرب ان الجمال الاصطناعي ساهم في تشويش الصورة حول جمال اللبنانيات الذي عرفه العالم من خلال ممثلات ومطربات جيل الستينات والسبعينات اللواتي حملن ملامح الجمال في هذا البلد الساحلي القريب من أوروبا.
ولم يكن المجتمع اللبناني في البداية يقبل جراحة التجميل بسهولة وكان من يخضع لها ينفي ذلك بشدة.
ويشير أطباء التجميل انه في فترة السبعينات عندما كانت الفتاة تريد إجراء عملية لانفها كانت تختبئ في البيت لأسبوعين، اما الآن فتجري الفتاة عملية التجميل وتخرج في اليوم ذاته لتتباهى بالعملية.
فمنذ بداية التسعينات حتى اليوم، أصبحت عمليات التجميل تدريجيا أمرا مقبولا للكثير من اللبنانيين، فالبعض يريد الحصول على أنف هيفا وشفاه أليسا وغيرهن من نجمات الغناء اللواتي كن السابقات الى عمليات التجميل.
ويقول الأطباء ان حوالي 55 في المئة من اللبنانيات يخضعن لعمليات تجميل بحيث يطلبن تغيير ملامحهن واجسادهن، وشجع نجاح هذا العمليات وما تسفر عنه من نتائج جيدة، إقبال أعداد كبيرة من اللبنانيات على ان يضعن مصير شكلهن في ايدي جراح تجميل.
فقد تراجعت نسبة النساء ذوات الجمال العادي في ظل انتشار ظاهرة الجميلات المتشابهات في الشكل.
وأشار طبيب التجميل اللبناني بول عودي" ان المرأة شوهت عالم التجميل لانها لا تقتنع بعملية واحدة بل تجري تغييرا جذريا يحولها الى دمية متحركة، لذا انصح كل امرأة ان تجمل عيوبها لا اكثر ولا اقل، كي لا تقع في فخ التجميل السيئ".
ويقول أطباء التجميل ان اكثر العمليات التي تقبل عليها اللبنانيات هي الثدي الكبير والأنف الصغير والشفاه الممتلئة وشفط الدهون.
وتحتل عمليات شفط الدهون من الأرداف والبطن المرتبة الاولى التي يجريها اللبنانيات خلال فصل الصيف، بسبب موسم الحر وارتداء الملابس الخفيفة التي تبرز العيوب الناجمه عن السمنة وزيادة الوزن، وتتهافت عليها النساء اللائي تتراوح أعمارهن بين العشرين والثلاثين من العمر.
اما المرتبة الثانية فلعمليات تجميل الانف، وتليها جراحات شد الوجه وتكبير حجم الثديين، ويقبل عليها من مختلف الفئات العمرية.
وأشارت المعالجة النفسية تيريز ابو جودة ان "الأشخاص الذين يجرون عمليات تجميل ينقسمون الى عدة فئات. فهناك من يقصد طبيب التجميل لمعالجة مشكلة او تشويه خلقي، وهناك من يهدف ليصبح أجمل مثل أشخاص يعملون في التلفزيون، ومنهم من يرون ان عمليات التجميل موضة، فيتبعونها مثل اتباع اخر الصيحات في الملابس".
اكتسب قطاع الطب التجميلي في هذا البلد شهرة كبيرة وايضا في البلدان العربية والمنطقة، وذلك يعود الى سمعة الأطباء اللبنانيين وخبرتهم في هذا المجال، والنظرة العالمية المأخوذة عن المرأة اللبنانية في الاهتمام الكبير بمظهرها، جعل البلد تشهد سياحة تجميل تستقطب زوارا من مختلف أنحاء العالم.
ودرت أرباحا مالية على الاقتصاد اللبناني بشكل عام وعلى قطاع الاستشفاء بشكل خاص. ولا يمكن الحصول على أرقام دقيقة بسبب غياب اي إحصاءات رسمية، رغم ان معظم المستشفيات اللبنانية تخصص جناحا لعمليات التجميل، يتولى إجراء ما لا يقل عن خمس عمليات يوميا.
كما انتشرت مراكز تجميل على يد خبراء تجميل بدلا من ان تتم تحت إشراف طبي، مما دفع العديد من الأطباء وخبراء التجميل اللبنانيين الى المطالبة بتشديد الرقابة على تلك المراكز لمنعها من العمل، خاصة أنها تلفت انتباه المواطنين إليها بأسعارها البخسة، حيث تبدأ الأسعار من 100 دولار في تلك المراكز، ويمكن للمراجع ان يحصل على تخفيض هائل في حال إجرائه لعدة جراحات في الوقت نفسه.
فكما ان عمليات التجميل ساعدت الكثير على التخلص من تشوهات او عيوب خلقية ولكنها دقت ناقوس الخطر بمخاطر تهدد حياة المريض أثناء العملية او بعدها.
وأشارت دراسة أميركية ان إزالة التجاعيد قد تؤدي الى العمى الدائم، مشيرين الى ان حقن الحشو في منطقة الجبهة يمكن في حالات نادرة، ان يسبب أضرارا بالغة لا يمكن إصلاحها.
كما ان الحشو التجميلي في الجزء الأوسط من الوجه وحول الفم، يمكن ان يتسرب بطريق الخطأ الى الأوعية الدموية لتجد طريقها الى شرايين العين، مما يؤدي الى مضاعفات نادرة قد تصل الى فقدان الأبصار.
عدا عن الاكتئاب الذي يصيب بعض النساء بعد العملية، حيث لا يجدن الشكل الذي كن يتوقعنه قبل إجراء العملية.