روى أحد أصدقاء الشهيد رسول المصري الذي كان معتقلاً في سجن تدمر لـ"زمان الوصل" قصة مؤثرة حصلت بعد سنوات من اعتقاله، وعندما جاء دوره لتنفيذ حكم الإعدام على يد القاضي"سليمان الخطيب" الذي توفي منذ أيام دعاه ليبصم على قرار إعدامه وعندما حضر أمام الخطيب بصم أول بصمة وقال له: هذه لك وبصم الثانية وقال لجلاده و"هذه الثانية للجنة".
وهنا قال له الخطيب: "والله لأعدمك إذا بتتعلق بستار الكعبة"..فرد عليه الشهيد رسول المصري بكل جرأة: "إذا بيطلع بأيدك ﻻ تقصر" فـ"بهت الذي ظلم"، وجن جنونه وقال للشهيد المصري "حكم الإعدام قدامك وتقول لي إذا بيطلع بإيدك" فكرر الشهيد إجابته قائلاً: "وأنا أقول لك مثلما سمعت"، فقال الخطيب بلهجة تحدٍ وهو متأكد أنه سيعدمه غداً: "طيب طيب بكرى رح نشوف".
ويضيف صديق الشهيد المصري: في نفس الليلة جلست مع المعتقل رسول فقال لي عبارة لن أنساها ما حييت "يعتقد أن الروح بيده وما هي إلا بيد الله خالقها"، وعند الساعة الثالثة إلا ربع صباحاً أسلم الشهيد رسول المصري روحه إلى بارئها قبل إعدامه فقام أصدقاؤه بتغسيله والصلاة عليه وهم في ذهول تام، ثم نادوا على السجان أن أحد المساجين قد مات، فحملوه ورموا جثته في غرفة اسمها (غرفة النجارة) وفي اليوم التالي جاء زبانية السجن ونادوا على السجين الموعود لتنفيذ حكم الإعدام به، فلم يجب أحد فذهبوا وعادوا بصحبة "سليمان الخطيب" الذي بادر بالقول شاتماً الذات الإلهية:"طلاع يا جبان خلي الله يخلصك من أيدي إذا بيجي الله لأعدمه معك"، فنادى على عميد المهجع وقال له "فلان وينو؟" فرد عليه "يا سيدي مات والفجر صباحاً أخذوه من عنا، مالكم خبر"، وهنا جن جنون الخطيب وبدأ يصيح بهستريا "وينو جيبو هاالكلب إي شو متفق مع الله عليي".
وبعد أن أحضر عناصر السجن جثة الشهيد إلى ساحة السجن قام الخطيب بشق ثيابه وتعريته كيوم ولدته أمه وبدأ يرغي ويزبد وهو يشتم الشهيد ويقفز على جثته، وكانت بيده سيجارة فقام بإطفائها في أنفه.
ويردف صديق الشهيد الذي كان معتقلاً معه: هذه قصة من بين الكثير من القصص التي رأيتها بعيني في سجن تدمر العسكري وهي تعكس بشكل لا لبس فيه حقد أحد عناصر النظام المجرمين من أمثال "سليمان الخطيب" على أبناء سوريا الأحرار والتلذذ بتعذيبهم والتنكيل بهم دون أن يعرفوا أن الأعمار بيد الله، وأن الله يمهل أمثالهم ولا يهملهم: "ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار* مهطعين مقنعي رءوسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء * وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب".