في بيت عربي قديم هجره أصحابه فبات أطلالاً تنوح على ذكرى الغائبين، وجه المنشد أبو سامر الحمصي من حمص المحاصرة رسالة أخيرة بعنوان (آخر الكلام من حمص أرض البطولات) أهداها لروح الشهيد "وفى عبد الصمد" الذي استشهد في عملية كتائب الأنصار الأخيرة.
وفي هذه الرسالة العفوية البسيطة يناشد الحمصي مدينته قائلاً: (يا حمص لا تحزني على اللي جرى واللي صار معهود فيك الفخر تبكي بلد حرة لا) ويضيف بلهجة مؤثرة: (ليس هناك عقل بشري يتصور أن شباب حمص المحاصرة صمدوا في مثل هذه الظروف العصيبة التي تفوق قدرة الإنسان على التحمل، ولكن حمص المجد والتاريخ تستحق –كما يقول- أكثر من ذلك فهي تمثل الأرض والعرض، ويستطرد المنشد الحمصي: حمص ليست مجرد كاميرا تروننا بها، بل هي صوت كل شاب، سواء أكان في الداخل أم الخارج، وهي الأرض التي روتها دماء أكثر من 2250 شهيدا من أبنائها قدموا الغالي والرخيص، وأضاف الحمصي: (رغم كل المآسي والجراح التي مرت بنا فإن إيماننا بالله كبير (ومن يتوكل على الله فهو حسبه) وما بعد الصبر إلا الفرج وحاشى لله من بعد صبرنا أن يخذلنا، وفي إشارة إلى اتفاق الهدنة مع النظام لإخراج المجاهدين من حمص المحاصرة يوضح أبو سامر أن هناك قرارات لا يحبها أهالي حمص المحاصرون ولا يرضون بها ولكن (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها).
وفي ختام رسالته ينشد أبو سامر الحمصي أنشودة جميلة لمدينة حمص تنشرها "زمان الوصل" كما هي:
"أرض البطولة أرضنا وأهلها أهل السلام
حمص العدية الفخر ورب الكون حاميها
فيها أسود الوغى والحر ما ينضام
مع كل يوم مضى تكبر معانيها ... تكثر بذور الصفا
مع كثرة الآلام خاب اللي يقبل غدر وخاب اللي يعاديها
ما عاش فيها الردي وعين العدل ما تنام حرة وعزيزة هالبلد خالد سكن فيها
شوفو حمص يا ناس فيها الوغى قوام.. والحد فيها علم محلا مراميها
ما همها جور العدا ولا هابت الإجرام مع كل دم انسكب أجيال تحييها
ركنا صرح مرفوع ما تهدموا الأيام طابت أيادي رجالها بالعز تبنيها
حيا أهالي الكرم حيا بلاد الشام أهل السخا والنخا ما احلا مساعيها
سود الليالي تنمحي وراح يرحلوا الظلّام كل المواجع تنتهي وبالحب نشفيها".