تنذر النفايات الناجمة عن إتلاف الأجهزة الكهربائية المستعملة في كربلاء العراقية بأضرار بيئية وصحية تهدد أهل المدينة.
ويرمي الكربلائيون آلاف الأجهزة الإلكترونية سنوياً في حاويات النفايات ليتم نقلها لاحقاً خارج المدينة في مقابر النفايات التي تنتشر في أطراف المدينة.
وذكر تقرير نشره موقع "نقاش" الإخباري أن الكثيرين من أهالي كربلاء يشترون جهازي موبايل أو ثلاثة في آن معاً ويقتنون أجهزة الكترونية من مناشئ رديئة معظمها يأتي من الصين وبعضها من إيران ثم يستبدلونها بعد شهور.
وقال حميد رحمن (ستيني) لـ"نقاش" إنه "ومنذ أن دخلت أجهزة الموبايل إلى أسواق كربلاء في 2003 قام باستبدال هاتفه المحمول تسع مرات بسبب العطل.
ويستبدل الشباب هواتفهم النقالة مرات عدة تبعاً للموضة وقد يقومون بالعملية مرات عدة في السنة إذ يؤكد أصحاب محلات أجهزة الموبايل إن الشباب والمراهقين والنساء أكثر إقبالا على شراء هذه الأجهزة من الرجال.
ويقول أحمد بدر (27 عاماً) أنه استبدل هاتفه النقال (21 مرة) منذ 2003 وفي كل مرة يعجبه فيها نوع جديد من أجهزة الموبايل يجد نفسه مندفعاً لشرائه والتخلص من هاتفه القديم إما ببيعه أو إعطائه لأحد أشقائه الصغار.
وبشكل تدريجي تتحول الأجهزة التي يتم الاستغناء عنها إلى محلات بيع الأجهزة القديمة ومن ثم إلى محلات التصليح حيث تتم الاستفادة من بعض أجزائها ورمي الأجزاء الأخرى في حاويات النفايات التقليدية.
رضا بحر يملك ورشة لتصليح أجهزة الموبايل يقول إن "الأجهزة التالفة أو القديمة يتم رميها في النفايات إلى جنب الأشياء الأخرى عديمة الفائدة، إذ إن ورش تصليح الأجهزة الألكترونية تحتفظ بالتالف منها لبعض الوقت ثم تتخلص منه فلا يتسع المكان للاحتفاظ بالأجهزة العاطلة لمدة طويلة".
وليس الموبايلات وحدها هي التي تشكل عماد النفايات الإلكترونية في كربلاء، فمئات الأجهزة الأخرى من تلفزيونات وحاسبات وبطاريات جافة وسائلة تستخدم في تشغيل السيارات تُرمى سنوياً بعد توقفها عن العمل وهي تحوي أيضا مواد سامة.
وتتجمع في ورشة لتصليح أجهزة التلفزيون في الحي العسكري إلى الغرب من كربلاء نحو 20 جهاز تلفزيون معطلاً، على الرغم من أن الحي شعبي ومعظم سكنته من محدودي الدخل، وهناك ورش أخرى في أحياء غنية تستقبل أعداداً مضاعفة من هذه الأجهزة.
وتستقبل ورش تصليح الحاسبات كذلك عشرات الأجهزة التالفة، يرمى قسم منها من وقت لآخر بعدما ييأس أصحاب الورش من إصلاحها مع الاستفادة من بعض أجزائها لتصليح أجهزة مماثلة.
وتصل الأجهزة المعطلة الى ورش التصليح بعد توقفها عن العمل فتُرمى لاحقاً بعد أخذ بعض أجزائها، وتتم طريقة التخلص منها بنفس طريقة التخلص من النفايات العادية، حيث ترمى في أقرب حاوية لورشة التصليح ليتم نقلها لاحقاً من قبل البلدية إلى ساحات النفايات عند مشارف كربلاء ويتم التخلص منها هناك.
ومنحت حكومة كربلاء قبل نحو عامين فرصة استثمارية لشركة إيرانية بهدف إقامة معمل لتدوير النفايات وموقع للطمر الصحي بمساحة900 دونم ولم يتم انجاز العمل بالمشروعين حتى اليوم ما دفع بالحكومة المحلية إلى مطالبة الجانب الايراني في شباط/فبراير الماضي بالإسراع في انجازهما نظرا لحاجة المحافظة اليهما في التخلص من أكوام النفايات المنتشرة حولها.
وقالت د.إخلاص العبيدي "إن معظم المواطنين لا يشعرون بالمخاطر الناجمة عن النفايات الإلكترونية فنحن نحتاج إلى حملة توعية واسعة للتعريف بهذه المخاطر والأضرار الصحية لأنها فعلا قد تؤدي إلى أمراض قاتلة وربما تكون سبباً مباشراً في أمراض منتشرة هذه الأيام في العراق مثل أمراض الجهازين العصبي والتنفسي".
وأوضحت إن العديد من المواد مثل "الكادميوم والرصاص والكروم والبريليوم والزئبق والكربون والباريوم تدخل في صناعة الأجهزة الإلكترونية وهي مواد شديدة السمية ويمكن أن تؤدي إلى الإصابة بأنواع من السرطانات والأمراض التنفسية وأمراض الجهاز العصبي والجهاز المناعي والكلى والأمراض التناسلية".
وتضع الشركات المصنعة بعض العلامات التحذيرية على بعض القطع في الأجهزة الإلكترونية مثل البطاريات الجافة حيث تحذِّر من رميها في حاويات النفايات لما تنطوي عليه هذه الطريقة من مخاطر صحية لكن الناس لا يأبهون بتلك التحذيرات.
وتعتقد د.العبيدي إن التخلص من هذه النفايات يجب أن يتم بالتعاون والتنسيق مع الشركات المصنّعة لها، وضرورة إعادة الأجهزة التالفة إلى شركاتها المصنعة لأنها تعرف كيفية التخلص منها.